"أشعر أني مسجونة وليس لدي أمل" المصير المجهول لعائلة عراقية بعد رفض لجوئهم

Karima Al Mizidawi, Haider el Saadany and their daughter Zeinab

Haider el Saadany and his two daughters, Zeinab and Rokaya Source: Supplied

عائلة حيدر وكريمة تعيش بلا مصدر دخل منذ أن قطعت الحكومة المعونات الاجتماعية عنهم قبل ثمانية أشهر.


"أحيانا أفكر في الخروج إلى الشارع والصياح ليعرف الناس بمعاناتي" بهذه الكلمات عبرت كريمة المزيداوي البالغة من العمر خمسة وأربعين عاما عن معاناة أسرتها.

كريمة وزوجها حيدر السعداني البالغ من العمر واحدا وخمسين عاما، أسرة من طالبي اللجوء العراقيين الذين يعيشون أوضاعا معيشية صعبة في أستراليا برفقة أبنائهم الثلاثة. وبعد قرابة ست سنوات من الوصول عبر البحر، ما زال وضع تلك العائلة غير مستقر، حيث لا يمكنهم العودة إلى العراق ولا يملكون إقامة في أستراليا.

هذه العائلة جزء من نحو 30 ألف طالب لجوء يحملون تأشيرات مؤقتة منذ وصولهم بالبحر إلى أستراليا بين عامي 2009 و2013. ورغم أن عدد الواصلين خلال تلك الفترة بلغ 50 ألفا إلا أن بعضهم حصل على تأشيرات سريعا أمنت لهم الاستقرار بشكل جيد في أستراليا. ولكن طبقا لتقرير المفوضية الأسترالية لحقوق الإنسان الذي نُشر الأسبوع الماضي فإن حاملي التأشيرات المؤقتة يعيشون حياة فقر وعوز وعلى حافة التشرد.
Karima and Haidar and their daughter Zeinab
Iraqi refugee family Source: Supplied
هذا الواقع تعرفه كريمة وعائلتها جيدا، فالعائلة موجودة في أستراليا على إحدى تأشيرات "العبور أو Bridging" التي تقنن وجودها في البلاد لكنها لا تمنحهم إقامة. حيدر وكريمة لديهما ثلاثة أبناء، حسين (22 عاما) ورقية (16 عاما) وزينب (4 أعوام).

وقالت كريمة "رُفض الطلب الذي تقدمنا به للحصول على إقامة مؤقتة ثلاث مرات، وهذا عائد لخلل إداري في تحضير الملف."

وما زاد موقف العائلة سوءا كان قطع المعونات الحكومية عنها منذ يناير كانون الثاني الماضي، حيث تشعر كريمة أن عائلتها أصبحت مهددة بالجوع والتشرد لأنها لا تملك مصدر دخل آخر. وقالت كريمة "أرى أولادي يُدمرون أمامي، أحس بالقهر عندما تطلب مني ابنتي أكلة تحبها ولا أقدر أن ألبي طلبها."

لا توجد نهاية في الأفق لهذا الوضع الهش، فلن يتغير شيء بالنسبة للعائلة إلى حين انعقاد جلسة للمحكمة الفيدرالية للنظر في قضيتهم في شهر آذار مارس لعام 2021. وحتى ذلك الحين تزيد الضغوط على العائلة التي لا تملك حلولا كثيرة.
قالت كريمة "لدي ثلاثة أولاد ولا يمكنني العودة إلى بلادي." وأضافت "البعض يقول إن العراق غني، غني لي أنا؟ هل يعطوني أنا نقود." وقالت "شبعت إهانة ومذلة، كل يوم أذهب لمنظمة إنسانية للحصول على طعام، البعض يرفض والبعض يوافق."

لكن هذه الطريقة لا يمكنها الاستمرار للأبد حيث قالت كريمة "إلى متى سنستمر بهذا الشكل، يجب أن يتم تثبيت وضعنا."
Russel Crellin with Haider and his daughter Zeinab
صديق العائلة راسل كريلين مع حيدر وابنته زينب Source: Supplied
لا تقتصر المساعدة التي تتلقاها كريمة وعائلتها على المنظمات، فهناك بعض الأصدقاء الأستراليين الذين يساعدون العائلة مثل راسل كريلين.

تعرف راسل على عائلة حيدر منذ ست سنوات عندما بدأ بمساعدة الأبناء على تعلم اللغة الانجليزية، وتوطدت علاقته بالعائلة. زوجة راسل التي تعمل في مجال العمل الاجتماعي تقدم ما بوسعها أيضا، فهي تساعدهم في الحصول على الملابس والطعام وبعض الأغراض الأخرى. ويتعجب راسل من قدرة هذه العائلة على الصمود رغم المصاعب "أرى المعاناة التي تمر بها العائلة، والتي لا تملك أي مصدر للدخل في الوقت الحالي، لكن مع ذلك تراهم قادرين على الصمود بل ويتمتعون بروح الدعابة في بعض الأحيان."

الأمر لا يقتصر على الاحتياجات اليومية لكنه يمتد إلى كافة مناحي الحياة. قالت كريمة "منذ حوالي شهرين اشتكى صاحب المنزل الذي نعيش فيه للمحكمة لأننا لم ندفع الإيجار، ولولا تدخل منظمتين خيريتين لكنت أنا وأطفالي الآن في الشارع". وأضافت "هذه الإجراءات تدفع العائلات إلى حافة التشرد."

اضطر ابنها حسين إلى ترك الجامعة أيضا بعد قطع المساعدات المالية، وحتى الآن لم ينجح في إيجاد عمل.

وما يزيد من معاناة العائلة هو عدم القدرة على الحصول على خدمات طبية كثيرة، لأنه وكجزء من الإجراءات الحكومية التي تهدف إلى دفع طالبي اللجوء الذين رُفضت طلباتهم إلى مغادرة البلاد، تم تقييد خدمات الرعاية الطبية (الميديكير) الممنوحة لمن هم في وضع مشابه.
Asylum seekers arriving by boat
Asylum seekers arriving by boat Source: AAP
وطبقا لتقرير المفوضية الأسترالية لحقوق الإنسان هناك سياسات حكومية مصممة لردع طالبي اللجوء عن القدوم إلى أستراليا بشكل غير نظامي عبر البحر. وقال التقرير إن السلطات لم  تعد تمنح الإقامة الدائمة لمن وصلوا بالقوارب حتى إذا منحتهم حق اللجوء الإنساني، كما تفرض المزيد من القيود على لم شمل العائلات.  

وقال مفوض حقوق الإنسان إدوارد سانتو "إن هذه التحديات أدت إلى ضيق مالي، وتدهور في الصحة النفسية، وفشل في الاستقرار".

عائلة كريمة دفعت ثمنا غاليا لهذه السياسات منذ وصولها قبل ست سنوات. قالت كريمة "أشعر أنني مسجونة، لا أملك أملا في الدنيا." وأضافت "لو أن مجرما حُكم عليه حكما مؤبدا، فإنه يُخفف عنه بعد فترة إن أثبت حسن سيره وسلوكه، أما آن الأوان لكي يخفف الحكم علينا؟".

الصحة النفسية لكل أفراد الأسرة تأثرت بشكل كبير، خاصة كريمة التي تحمل عبء الجميع. وتقول كريمة "أنا الآن مثل المجنونة، لا أملك عقلا برأسي، لا أعرف كيف اتحمل هذا الوضع حتى الآن." وأضافت  "أفكر أحيانا في القضاء على حياتي، لكن إيماني  يردعني عن ذلك."
 

 


شارك