في السنوات الأخيرة، بات من الواضح أن هذا النظام يواجه العديد من التحديات التي تهدد فعاليته واستدامته. مديكير، الذي كان في بداياته مثالًا للرعاية الصحية العامة الشاملة على مستوى العالم، يجد نفسه اليوم في مأزق حقيقي، إذ تشير الإحصائيات إلى أن أقل من نصف الأستراليين فقط (حوالي 48%) يتم تغطية زيارتهم للطبيب من خلال الـ bulk billing.
تعد هذه المشكلة أكثر وضوحًا في الفروق الجغرافية داخل أستراليا، حيث تتفاوت معدلات الـ bulk billing بشكل لافت بين مختلف المناطق. فعلى سبيل المثال، بينما تصل نسبة التغطية في جنوب غرب سيدني إلى 81%، لا تتجاوز النسبة في العاصمة كانبرا 23%. هذه الفجوة الكبيرة بين المناطق تبرز تباينًا في وصول المواطنين إلى الرعاية الصحية، مما يضع ضغوطًا إضافية على النظام الصحي ويزيد من حالة التفاوت الاجتماعي.
تراجع مستمر
منذ عام 2021-2022، شهدت معدلات الزيارات المجانية المعروفة بالـ bulk billing تراجعاًحادًا من 64% إلى 48%، ما يعكس تصاعد الأزمات التي يواجهها النظام. هذا الانخفاض الكبير يعكس تدهورًا في قدرة النظام على توفير رعاية صحية شاملة وفعالة لجميع الأستراليين، مما يستدعي تدخلاً عاجلًا من الحكومة.

Source: Flickr / Flickr AMISOM Public Information (CC0 1.0)
وجهة نظر الخبراء
وفي هذا السياق، يرى طبيب العائلة الدكتور مروان توما، طبيب الصحة العام في نيو ساوث ويلز، أن "نظام ميديكير كان مصممًا ليكون نظامًا شاملًا لجميع الأستراليين، ولكن معدلات الـ bulk billing تراجعت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة لأسباب عدة، منها ضعف إقبال الأطباء على تخصص طب العائلة والتوجه إلى تخصصات تدر دخلاً أعلى بسبب غلاء المعيشة. من الأسباب الأخرى أيضًا تجميد مدفوعات الأطباء لسنوات عدة والإهمال المتراكم بسبب السياسات المتبعة من قبل الحكومات المتتالية."
ويضيف الدكتور توما: "أرى أن تخصيص 8.5 مليار دولار لمديكير إجراء إيجابي ومهم، ولكن لن يكون كافياً وحده. لا بد من النظر إلى عوامل أخرى وراء تدهور النظام. نحن نحاول اللحاق بالركب ولكن الإجراءات تأخرت." ويشير إلى أن هناك مشاكل أخرى تتعلق بكفاءة نظام الرعاية الصحية، من بينها طول مدة المراجعة مع الأطباء، والتي يجب أن تأخذ في الاعتبار أوضاع المرضى الصحية المعقدة، وضمان أن العائد المادي للأطباء يوازي الجهد المبذول.
الإصلاحات الحكومية
من جانب آخر، يرى الدكتور توما أن هناك حاجة ماسة لإجراء إصلاحات أوسع على مستوى النظام ككل. "من باب العدالة وفي ضوء تباين معدلات الـ bulk billing، لا بد أن يستخدم الشخص بطاقة مديكير وليس بطاقته المصرفية في العيادة. هذا سيساهم في تحقيق المزيد من العدالة بين جميع الأستراليين وتقديم رعاية صحية متكافئة في جميع المناطق."
ويرى د. توما أنه من الضروري أن "تتبنى الحكومة سياسات طويلة الأمد لا تقتصر على الاستثمارات المالية فقط، بل تشمل أيضًا تحسين الأوضاع المهنية للأطباء، وزيادة الكفاءة في تقديم الرعاية، وضمان حصول كل مواطن على الخدمة الصحية التي يحتاج إليها دون اعتبار لموقعه الجغرافي أو حالته المالية."
استمعوا إلى التقرير كاملاً في التدوين الصوتي أعلى الصفحة.
استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Audio المتاح مجاناً على