النقاط الرئيسية
- بدأت شانا تشعر بأنها مختلفة في عمر الخامسة من طفولتها وفي المراهقة اتضحت لها ملامح هويتها
- أبقت حقيقتها مخفية وحاولت الهروب من واقع ليس مقبولاً في عائلتها اللبنانية الكاثوليكية، في وقت كان يعتبر فيه من المحرمات الثقافية، الى أن اثقلها الاكتئاب
- تروي قصة مواجهتها مع ذاتها وعائلتها والمجتمع العربي في استراليا، وكيفية الوصول الى سلام مع الذات
انها قصة شانا التي تتصالح مع هويتها في مطلع الاربعين. شانا هو اسم مستعار تجول من خلاله الشابة في خفايا رحتلها الشاقة.
تمت إضاءة دار الأوبرا بألوان قوس قزح مع انطلاق مهرجان فخر مجتمع الميم في سيدني. وانطلق مهرجان WorldPride في سيدني، وهو عبارة عن 17 يومًا من المسيرات والمهرجانات والأنشطة الثقافية والفنية الأخرى في جميع أنحاء المدينة. ما يحتفى به اليوم في استراليا، كان بالامس واقعًا ثقيلًا على أشخاص يعرّفون هم على ذواتهم كمختلفين.
ولدت شانا وترعرعت في سيدني في عائلة لبنانية كاثوليكية لبنانية، وهي واحدة من ست شقيقات في عائلة لبنانية تتوق لولادة الصبي، الا ان هذا الأمر لم يؤثر على هويتها كما تقول: "نعم استمر والداي بمحاولة إنجاب صبي ولكن لم أشعر حقًا أن هذه الرغبة أثّرت علي . لقد عوملنا جميعًا بإنصاف".
لا تتذكر شانا الكثير من طفولتها، ولكنها تجول بالذاكرة فتقول: "نشأت بطريقة لبنانية كاثوليكية صارمة، لم يكن مسموحًا للفتيات بالخروج. كان كل شيء مقيدًا، لم يكن بامكاننا التحدث إلى الفتيان على الرغم من أنني ذهبت إلى مدرسة مختلطة".
أنا مختلفة ولكن
بدأت شانا تشعر بأنها مختلفة في عمر مبكر، تحديدًا في الخامسة او السادسة من طفولتها ولكنها لم تكن تفهم ماهية ما تشعر به.
ربما كنت أعلم أن هناك شيئًا مختلفًا في، لن أقول شيئُا خاطئًا بل مختلفًا
"في سن الثالثة عشرة، شعرت أنني انجذب لفتاة كنت أذهب معها إلى المدرسة، لم أفعل شيئًا حيال ذلك".
حاولت شانا تجاهل مشاعرها واخفائها لا سيما أنها كانت تدرس في مدرسة كاثوليكية.
"أبقيت كل شيء مخفيًا حتى أنني حاولت إقناع نفسي بأنني مثل أي شخص آخر، وحافظت على علاقات مع الجنس الآخر حتى سن 16 و17 لمحاولة قمع هذه المشاعر".
حاولت شانا الهروب من واقع لم يكن مقبولاً في عائلتها اللبنانية الكاثوليكية، في وقت كان يعتبر فيه من المحرمات الثقافية، إلى أن أثقلها الاكتئاب.
لقد حاولت قمع مشاعري والتظاهر بخلاف ذلك. لقد كان صراعًا حقيقيًا بالنسبة لي
"مررت بحالة من الاكتئاب حيث أغلقت على ذاتي وفكرت في الانتحار عدة مرات. اعتدت أن أنزوي في غرفة النوم، واستمع إلى الموسيقى الصاخبة، وحاولت إغراق حزني والصراع"،
"الاكتئاب والقلق ونوبات الهلع رافقتني، وأول نوبة حقيقية كبيرة كانت في سن 18 عامًا".
الكشف عن الذات
بدأت الشابة في سن البلوغ بالبحث عن اجوبة، إذ كان من الصعب جدًا محاولة الاتصال بمجموعات الدعم في أواخر التسعينيات، كما اشارت شانا.
"أتذكر انني حاولت الوصول إلى مجلة توفر نوعًا من الدعم للمثليين لأنها كانت الشيء الوحيد الذي وجدته ".
لم تأتي المصارحة والمواجهة مع الذات في لحظة مفصلية بل بشكل تدريجي.
"لم يكن لدي لحظة مواجهة كبيرة مع والدي وعائلتي. حدث نوع من الاستجواب مع أختي وكنت قوية بما يكفي لأقول لها انني مثلية بالفعل فوبختني لأن ذلك غير لائق ثقافيًا ودينيًا".
واجهت شانا شقيقتها المستنكرة قائلة: "فكرت في الانتحار ومررت بأحلك أيامي ولم يكن هناك أحد من أجلي منذ الثالثة عشرة من عمري، الآن فقط اشعر بالرضا عن ذاتي، لست بحاجة منك لإخباري أنني لست مثليًة. أنا مثلية".
شانا تواجه والدتها
بتفهم وحب كبيرين تحدثت شانا عن والدتها وتثني على دورها وعلى المسار الطويل والمتطلب الذي خاضته بالرغم من انه يتعارض وقناعاتها الدينية والثقافية. تقول شانا: "كان الأمر صعبًا للغاية بالنسبة لأمي في البداية ربما انقطع تواصلنا لمدة عامين. كنت في الواحد والعشرين من عمري آنذاك وغادرت منزل والدي ولم أتحدث إلى أمي".
تروي شانا تفاصيل اتصال والدها بها بشكل يومي متوسلًا إياها العودة الى المنزل ومؤكدًا لها أن والدتها تفتقدها على الرغم من مقاطعتها.
تقول شانا: "إنها لا تعاملني بشكل مختلف عن أخواتي ويؤلمها ألا أنجب أطفالاً".
تقول شانا إن والدتها كانت تصرخ قائلة:
لماذا فعل يسوع هذا بي. لماذا فعل الله هذا بي؟ ماذا فعلت لابنتي لتكون مثلية؟
رحلة المصالحة مع الذات
بعد رحلة شاقة وطويلة ومرهقة، تعيش شانا حالة سلام وتناغم مع الذات الا أن وخز الكلمات الجارحة ما زال يؤلمها، لا سيما أنها مسالمة وتجهد كي يكون حضورها بلسمًا أينما وجدت.
"هذا مؤلم! أنا شخص جيد لا أؤذي أحداً، ولا أخرج عن قصد لإيذاء أي شخص، كل ما أريد فعله هو مساعدة الناس. لقد عانيت عندما كنت طفلة بسبب حياتي الجنسية".
وفي حميمية اللقاء مع الذات والله تقول:
إذا كان بإمكاني العودة والدردشة مع يسوع، أقول له أرسلني إلى هذه الحياة كبقية الناس، لأن طريق المثلية كان صعبًا للغاية
تقول شانا إن أكثر ما آلمها هو عدم تقبلها من قبل أفراد عائلتها في البداية، أما اليوم فتشعر بالمودّة مع الذات والعائلة:
"في وضعي، كانت عائلتي دائمًا قلقة بشأن الأصوات الخارجية وما سيقوله الناس"،
"أنا في سلام مع نفسي. لقد كافحت بشدة للوصول إلى ما أنا عليه الآن. أعلم أنه لا يزال هناك الكثير من الرفض داخل العائلات اللبنانية. مشكلة ليست كبيرة ما لم نجعلها نحن مشكلة كبيرة".
شانا التي تبلغ من العمر 42 عامًا اليوم، ختمت قائلة: "إذا كان بإمكاني في هذا العمر العودة والجلوس وإجراء محادثة مع ذاتي في عمر 13 عامًا، فسأقول لنفسي ستتحسن الأمور".
ما الرسالة التي وجهتها شانا لكل من يعيش قصة مماثلة لقصتها؟
الإجابة في الملّف الصوتيّ أعلاه.