قرار تصويت لصالح الاعتراف بـ"السيادة الدائمة" للفلسطينيين تاريخي وان معنوي رحّب فيه السفير الفلسطيني لدى استراليا الدكتور عزت عبد الهادي ترحيبَا حارًّا فيما شجبه رئيس الاتحاد الصهيوني لأستراليا جيريمي ليبلر معتبرًا ان هذا التحول في الموقف الأسترالي هو بمثابة انفصال مقلق عن الواقع يضع أستراليا خارج المسار مع حلفائها الرئيسيين، بما في ذلك الولايات المتحدة وكندا.
توقّف خبير الشؤون السياسية والدولية في منطقة الشرق الأوسط ، الدكتور محمد الجراروه عند مفصلية هذا القرار في إعادة رسم ملامح السياسية الخارجية لأستراليا معلقًا:
" طبعا يمثّل هذا القرار خطوة جيوسياسية مهمة وخاصة مع توقيت الانتخابات الأسترالية المقبلة في العام القادم، فإن الحكومة الأسترالية باتت تزن قراراتها المتعلقة بالسياسة الخارجية في مقابل النتائج الانتخابية المحتملة".
يعتبر د. الجراروه بأن تأييد أستراليا قرار الأمم المتحدة للاعتراف بالسيادة الدائمة للشعب الفلسطيني على الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، وكذلك هضبة الجولان السورية المحتلة على مواردهم الطبيعية، أمر مهم للغاية، سيما وأن أستراليا لطالما امتنعت عن التصويت أو صوتت ضد الاقتراح منذ عام 2003 أي لأكثر من 20 عامًا.
شرح د. الجراروه أن الانتخابات الأميريكية الأخيرة فرضت إعادة قراءة دقيقة لأستراليا قائلًا:
"تمثّل حالة الانتخابات الأمريكية الأخيرة، نقطة تأمل حاسمة بالنسبة لأستراليا، في سياق ما واجهت إدارة الرئيس الأمريكي بايدن من ردود فعل عنيفة من قطاعات عديدة من الناخبين الأمريكيين، بما في ذلك العرب والمسلمين الأمريكيين الذين شعروا بخيبة إزاء الدعم الثابت والمتواصل للولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل، وسط الصراعات المستمرة في منطقة الشرق الأوسط وسلط الضوء على الأهمية المتزايدة الشؤون الدولية في السياسة الداخلية".
وتابع موضحًا:
"إذا تحدثنا عن التبدّل الإستراتيجي في السياسة الأسترالية أعتقد أن صُنّاع القرار على دراية تامة بهذه الديناميكيات"،
"من خلال اختيار الاعتراف أو تأييد هذا القرار الصادر عن الأمم المتحدة، قد تحاول استراليا ايجاد صدى إيجابي لدى الناخبين الذين يعطون الأولوية لحقوق الشعب الفلسطيني والعدالة و العلاقات الدولية المتوازنة".
أوضح الجراروه أن استراليا عليها القيام بالمزيد من التحركات الدبلوماسية الواقعية على الأرض بخصوص القضايا المهمة في الشرق الأوسط خصوصًا الصراع العربي الإسرائيلي، ولكن بعيدا عن المخاوف الانتخابية المحلية قائلًا:
" يتماشى تأييد أستراليا لقرار مجلس الأمم المتحدة مع إعادة ترتيبات جيوسياسية أوسع نطاقًا، جميعنا يعلم بأن المجتمع الدولي بات أكثر صراحة وأكثر قلقا بشأن ضرورة حل الدولتين، ووضعه في سياق حقوق الإنسان والقانون الدولي، وأيضا أكثر غضبا إزاء تجاهل إسرائيل الممنهج للصوت العالمي والقوانين الدولية"،
يوضح قائلًا:
يبدو هذا القرار الاستراتيجي كمحاولة لإعادة وضع أستراليا نفسها كلاعب مبدئي على الساحة العالمية
"أشدد على كلمة "لاعب مبدئي"، وأن تكون على استعداد أيضا لاتخاذ مواقف جريئة، بغض النظر عن التحالفات التقليدية."
يرى الجراروه ان تصويت استراليا لصالح قرار الأمم المتحدة بشأن فلسطين يشكل تحولًا ملحوظا في سياستها الخارجية الإقليمية ويؤكد على موقفها من الاعتبارات الإنسانية الدولية، وتقرير المسار، ما قد يؤدي إلى تعقيد العلاقات الداعمة الطويلة الأمد مع إسرائيل، ما قد يتسبب في توتر دبلوماسي، مع إعادة إسرائيل تقييم إلتزاماتها الثنائية مع أستراليا.
ويرى الدكتور الجراروه بأن السياسة الخارجية الأسترالية هي صدى للسياسة الأمريكية، ولكن خطوة أستراليا قد تشير إلى اتجاه أسترالي نحو الاستقلال الاستراتيجي السياسي.
في هذا السباق يقول:
هذا التصويت يسلط الضوء على قدرة استراليا على وضع سياسات مستقلة عن التأثيرات الأمريكية في حين كانت دائمًا الولايات المتحدة حليفًا تقليديًا ومحوريا لإسرائيل
وفي ظل التزام استراليا بالمعايير الدولية مما قد يؤدي إلى تغيير نفوذها الجيوسياسي وعلاقاتها الدبلوماسية على المستويين الإقليمي والعالمي يقول الجراروه:
"هذا التصويت قد يضيف طبقات من التعقيد السياسي الدولي إلى تحالفهما، وعلى الرغم من ذلك، فأنا أرجح أن تكون الأسس القوية لاستيعاب مثل هذه الاختلافات في وجهات النظر السياسية".
وعما اذا كان هذا التصويت لصالح السيادة الدائمة للفلسطينيين رسالة لترامب لإسرائيل، أم للناخب العربي الأسترالي يجيب الجراروه:
"من وجهة نظري هو محاولة تكتيكية أسترالية لتغيير التركيبة الانتخابية هنا على الصعيد المحلي والتأثير على الناخبين، وذلك بسبب النتائج التي ظهرت من خلال الانتخابات الأمريكية الحديثة"،
على أستراليا ان تتذكر جيدا ان ما كتب في تاريخ الانسان المعاصر السياسي لا يمحى بسهولة وهذا القرار جاء للتلاعب بوجهة نظر الناخب العربي اولًا
هل أتى هذا التصويت المعنوي بتوقيته ومضمونه لكون أستراليا يعني أدركت أن الحل النهائي لسلام عادل وشامل بحسب نظرتها لهذا الصراع، كما القانون الدولي، بات بعيدا عن أرض الواقع؟
الإجابة مع د. محمد الجراروه في الملف الصوتي أعلاه.
استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Audio المتاح مجاناً على وعلى القناة 304 التلفزيونية.