قبل حوالي 65,000 عام وصل البشر إلى أستراليا، حيث يُعتقد أن شعوب السكان الأصليين عبروا من جنوب شرق آسيا إلى قارة أستراليا، في وقت كان يمكن العبور بين القارتين برا.
وقال الدكتور أحمد شبول رئيس قسم الدراسات العربية والإسلامية السابق إن الشعوب الأولى في أستراليا ربما استخدمت قوارب خفيفة من الكينوا واليوكالبتيس للوصول إلى أستراليا والاستقرار.
أصبحت أستراليا موطنا لحوالي 500 أمة من شعوب السكان الأصليين، يتحدثون 400 لغة مختلفة وموزعين عبر القارة كلها.
اقرأ المزيد
خمس معلومات ممتعة عن سكان أستراليا الأصليين
السكان الأصليون سجلوا تاريخهم عبر الحكايات الشفهية وقصص الأحلام التي تناقلتها الأجيال عبر آلاف السنين، ولكن التاريخ الرسمي لأستراليا الحديثة لا يبدأ إلا مع وصول سفينة الكابتن كوك إلى السواحل الشرقية للقارة عام 1770.
الدكتور شبول قال "كون أستراليا تعتبر أن تلك هي بداية تاريخ البلد، أمر به إجحاف كبير للسكان الأصليين، وهذا هو الأمر الذي يحتاج إلى مراجعة."
الكابتن كوك تحرك من سواحل مدينة Cape في أقصى جنوب قارة أفريقيا، متجها إلى الغرب بحثا عن أستراليا على متن سفينة HMS Endeavour الشهيرة.
توجه كوك إلى جزر مثلث Polynesia والتي تضم جزيرة تاهيتي وغيرها من الجزر الصغيرة، قبل أن يبحر جنوبا بحثا عن الأرض الجنوبية المجهولة.
الكابتن جايمس كوك وسفينته الأنديفر Source: AAP
كيف عرف كوك بوجود أرض في جنوب الكرة الأرضية؟
كلمة أستراليا تأتي من كلمة Australis اللاتينية والتي تعني جنوب، وقد اشتق هذا الأسم من مصطلح جغرافي اسمه Terra Australis أو الأرض الجنوبية.
هذا المصطلح كان يستخدم للإشارة إلى وجود كتلة كبيرة من الأرض في جنوب الكرة الأرضية.
ورغم أن تلك الفرضية لم تكن مدعومة بخرائط أو مسح لتلك القارة المفترضة، إلا أن النظريات التي اشتهرت بين القرنين الخامس عشر والثامن عشر، كانت قائمة على حتمية وجود هذه الأرض في الجنوب من أجل عمل توازن مع الأرض المعروفة للعالم في شمال الكرة الأرضية.
أطلق على هذه الأرض أيضا Terra Australis أو الأرض المجهولة في الجنوب.وصل الكابتن كوك إلى نيوزيلندا أولا والتقى بزعماء شعب الماوري هناك. لم يكن كوك أول أوروبي يصل إلى الجزيرة، حيث وصلها Abel Tasman البحار الهولندي الشهير عام 1642، وهو البحار الذي أطلق اسمه على جزيرة تسمانيا.
خريطة الكابتن جايمس كوك التي يظهر فيها مسار رحلته البحرية وصولا إلى نيوزيلندا واستراليا Source: NATURAL HISTORY MUSEUM
قضى كوك 173 يوما للإبحار حول نيوزيلندا ورفع خريطة الجزيرة، قبل أن يبحر غربا بحثا عن الأرض الجنوبية المجهولة.
وصلت سفينة الأنديفر في التاسع والعشرين من أبريل نيسان عام 1770 إلى أرض شعب الغويغال من أمة الداروال والتي تعرف الآن باسم Botany Bay.
التقى كوك لأول مرة بشعب من السكان الأصليين لقارة أستراليا فيما عرف باسم الاتصال الأول أو first contact.
ولكن الدكتور أحمد شبول قال إن السكان الأصليين في أستراليا لم يكونوا معزولين عن العالم، بل كانت لهم اتصالات مستمرة بشعوب جزر بولونيزيا، وشعوب جنوب شرق آسيا وخاصة في إندونيسيا.
بل أن البحارة الأوروبيين من الإسبان والبرتغال والهولنديين قد وصولوا إلى أستراليا قبل كوك، لكنهم لم يستقروا.
وكان الاسم الذي أطلق على أستراليا في البداية هو New Holland أو هولندا الجديدة، وقد تم العمل بهذا الأسم حتى القرن التاسع عشر، عندما غيرت السلطات في سيدني الأسم رسميا إلى أستراليا.
ويعد صاحب الفضل في هذا التغيير هو البحار البريطاني ماثيو فليندرز والذي روج لتسمية أستراليا بهذا الأسم، لأنه يعتقد أنه لا توجد أرض أخرى جنوب أستراليا، وبالتالي فإن تلك القارة هي القارة الجنوبية المجهولة أو Terra Australis.
بالطبع تم اكتشاف القارة القطبية الجنوبية أو Antarctica بعد ذلك بعقود، ولكن كانت تسمية أستراليا قد أصبحت معتمدة ومشهورة، ومن الصعب تغييرها.قضى كوك في أستراليا فترة أطول مما كان يخطط، حيث اصطدمت سفينته بالحاجز المرجاني العظيم قبالة سواحل كوينزلاند الحالية، ما أدى إلى عطبها. وقد التجأ كوك إلى أرض شعب Guugu Yimithirr وقضى هناك سبعة أسابيع تقريبا لإصلاح السفينة.
سفينة الكابتن كوك أثناء إصلاحها بعدتعرضها للعطب جراء اصطدامها بالحاجز المرجاني العظيم Source: Mary Evans Picture Library
في تلك الأرض التي يطلق عليها حاليا Cooktown كانت أول لقاءات طويلة مع السكان الأصليين، حيث سجل جايمس كوك أول كلمات من لغة شعب جوجو يمثير الشفهية، وهي التي استخدمت لاحقا لتسمية الكثير من النباتات والحيوانات، ومنها كلمة كانجارو.
ولكن رغم تلك اللقاءات إلا أن كوك اعتبر أستراليا أرضا خالية بلا شعب، يمكن ضمها للتاج البريطاني، حيث اعتبر السكان الأصليين جزء من الطبيعة في تلك الأرض وليسوا أشخاص أصحاب حضارة تعد من الأقدم في تاريخ البشرية.الكاتبة والباحثة نورا منصور قالت "حضارة السكان الأصليين مختلفة عن الرجل الابيض والحضارة الأوروبية ولكن هذا لا يعني أنها غير موجودة أو أنها حضارة أقل من ناحية القيمة."
الكابتن كوك يرفع العلم البريطاني على حزيرة الاستيلاء ليعلن ضم أستراليا إلى التاج البريطاني Source: Mary Evans Picture Library
بعد أن اتم إصلاح السفينة، أبحر كوك شمالا إلى Possession Island أو جزيرة الاستيلاء، وهي جزيرة صغيرة تقع في مقابل أقصى نقطة شمال كوينزلاند، ورفع العلم البريطاني ليعلن خضوع أستراليا بالكامل للتاج البريطاني، لتنطلق بذلك الحقبة الاستعمارية في تاريخ أستراليا.