تُعدّ مهنة الطب من أكثر المهن التي تنتقل عبر الأجيال، حيث يحرص العديد من الأطباء على أن يسير أبناؤهم وأحفادهم على خطاهم في هذا المجال النبيل. وفي الثقافة العربية، يزداد هذا التوجه نظراً لما يحظى به الطب من مكانة مرموقة، فضلاً عن إيمان الأهل بأن مشقة الرحلة تستحق الاستمرار، وأن إرث العطاء والمسؤولية ينبغي أن يدوم جيلاً بعد جيل.
لم يكن الدكتور رمزي الطبيب الوحيد في أسرته، بل استطاع أن يغرس حب هذه المهنة الإنسانية في جذور العائلة دون أن ينوي أو يخطط، ليصبح لقب "البرنوطي" علامة مميزة في عالم الطب، فلم يتوقف التأثير عنده، بل انتقل إلى إخوته وأبنائه، فحملوا الراية الطبية بكل فخر، حتى بات أحد شوارع العراق يُعرف باسم "عائلة البرنوطي الطبية".
أردت دراسة الهندسة في الجامعة، لكن والدي عبّر عن رغبته بأن أدرس الطب لأني ابنه الأول.. فلبيت له الطلبالدكتور رمزي البرنوطي

هي ثقافة عربية بأن الابن يريد أن يكون كوالده، لكن بالنسبة لي، كان تأثير العائلة كلها. فاخترت الطب كمهنة وأنا سعيد جداً بهذا الخيارالدكتور ليث البرنوطي
ولأن الدكتور رمزي لم يختَر الطب بنفسه، لم يرغب أن يفرضه على أبنائه، بل منحهم الحرية المطلقة لتحديد مستقبلهم. كان يؤمن بأن المهنة تُمارَس بالشغف لا بالإكراه، فاختار أبناؤه السير على خطاه بمحبة خالصة، لا بضغط أو توجيه. وهكذا، انتقل الطب عبر الأجيال كمسيرة اختارها كل فرد منهم برضى وقناعة.

بعد أكثر من 68 عاماً من بدء المسيرة، أصبح لعائلة البرنوطي أجيال من الأطباء، والكثير من الحكايات من العراق إلى أستراليا في رحلة هجرة قسرية حملت الألم الذي حوّله الأب والطبيب رمزي إلى أمل له ولعائلته لمجتمعه الذي ما زال حتى اليوم يُقدم له الكثير. ولكن يبقى للسؤال مكان: هل سيستمر هذا الإرث الطبي العريق بالانتقال من جيل إلى جيل؟
للاستماع إلى القصة الكاملة في الملف الصوتي أعلاه.