عندما وصل البريطانيون إلى أستراليا عام 1770، ثم مع وصول الأسطول الأول عام 1788 من أجل الاستيطان، لم يتخذوا أي إجراء قانوني من أجل ممارسة السيادة على أراضي القارة الأسترالية.
وصل البريطانيون إلى أستراليا وأعلنوا سيادتهم عليها دون التفاوض مع نحو 750,000 شخص يسكنون القارة، موزعين بين 500 أمة من السكان الأصليين.
ما حدث في أستراليا كان شيئا فريدا، إذا أن بريطانيا نفسها كانت قد وقعت معاهدات مع السكان الأصليين في أمريكا وكندا ونيوزيلندا من أجل وضع إطار قانوني لنقل السيادة على الأرض إلى المستعمر الجديد.
المعاهدة في نيوزيلندا على سبيل المثال، وقعت عام 1840 بين خمسمائة من زعماء الماوري والتاج البريطاني وسميت معاهدة وايتانغي أو Treaty of Waitangi.
Painting of the Treaty of Waitangi signing by Marcus King. Source: New Zealand Government
ماذا حدث في أستراليا؟
اعتبرت السلطات البريطانية أستراليا أرضا بلا شعب، أو Terra Nullius باللاتينية. هذا المصطلح القانوني سمح للبريطانيين "بنقل كافة القوانين الإنجليزية إلى أستراليا وتملك الأرض دون أدنى اعتبار لوجود السكان الأصليين" كما قال المحامي هاشم الحسيني.
لم يتم ضم السكان الأصليين إلى تعداد السكان في أستراليا حتى العام 1967، بعد استفتاء منحهم كافة حقوقهم السياسية، أي بعد 197 من وصول الكابتن جايمس كوك إلى القارة.
قبل ذلك، كان السكان الأصليون محسوبين ضمن الطبيعة أو بالمصطلح الإنجليزي Flora and Fauna كما تشرح الكاتبة والباحثة نورا منصور: "بمنظور الدستور الأسترالي قبل هذا، كان يُنظر للسكان الأصليين باعتبارهم جزء من الطبيعة والشجر وحتى الحيوانات في هذه القارة."
وبسبب تعامل البريطانيون مع أستراليا باعتبارها أرضا خاوية أو مشاع، فإنه حتى الآن لم يتم توقيع معاهدة مع السكان الأصليين لنقل السيادة، هذا يعني أن هناك سيادة فعلية أسسها الأوروبيون على الأرض، وسيادة تاريخية للسكان الأصليين، موجودتان بالتوازي حتى الآن.
لماذا توقيع المعاهدة؟
المعاهدة هو اتفاق قانوني ملزم بين طرفين أو أكثر، وفي هذا الحالة سينظم مسألة انتقال السيادة على الأرض إلى الحكومة الفيدرالية مع حفظ حقوق السكان الأصليين.
أول مرة تم طرح فكرة المعاهدة كانت في عهد رئيس الوزراء العمالي الراحل بوب هوك عام 1988. في هذا العام تم تقديم بيان لرئيس الوزراء خلال مهرجانBarunga فيما عرف باسم Barunga Statement.
وتم تنظيم حملة تطالب الحكومة الفيدرالية بالاعتراف بحقوق السيادة لشعوب السكان الأصليين وملكيتهم لأرض قارة أستراليا وتوقيع معاهدة معهم.
كانت تلك لحظة تاريخية، فتحت النقاش في أستراليا حول أهمية توقيع المعاهدة والذي استمر حتى الآن.
ما هي بنود المعاهدة المطلوبة؟
لا توجد بنود محددة للمعاهدة المنتظرة، فالنقاش حولها لم يتم حسمه بين شعوب السكان الأصليين داخل أستراليا، ولكن إجمالا يمكن تلخيص البنود العامة للمعاهدة في ثلاث نقاط: السيادة، والاعتراف بالحقوق، وحق تقرير المصير.
هذه المعاهدة ستشدد على أن شعوب السكان الأصليين لم يتنازلوا أبدا عن السيادة أو عن حقوقهم في الأرض، وأنهم كانوا موجودين في أستراليا قبل وصول الأوروبيين بآلاف السنين.
المطالبون بتوقيع المعاهدة يقولون إنها ستمهد الطريق إلى المصالحة الوطنية بين أستراليا والشعوب الأولى، حيث سيتم الاعتراف بالوصاية التقليدية للسكان الأصليين على الأرض، والجرائم التي ارتكبت بحقهم والتي لم تعترف بها أستراليا حتى الآن، بالإضافة إلى وضع بنود في الدستور تؤكد على أن السكان الأصليون هم أول من سكن هذه الأرض.
البنود المقترحة تشمل منح السكان الأصليين كيانا فيدراليا يعبر عن مصالحهم ويمنحهم قدرة أكثر على إدارة شؤونهم بالإضافة إلى إيصال صوتهم إلى البرلمان الأسترالي وإبداء رأيهم في المسائل ذات الأهمية.
وفي بيان الأولورو الذي صدر عام 2017 قال ممثلو السكان الأصليين إن تأسيس هذا الصوت للسكان الأصليين سيؤدي إلى فهو علاقة عادلة وصادقة مع الأمة الأسترالية وإلى مستقبل أفضل لأطفالنا مؤسس على العدالة وتقرير المصير.
اقرأ المزيد
بيان "أولورو من القلب" باللغة العربية