تتطلب عملية انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية غالبية الثلثين من أصوات نواب البرلمان البالغ عددهم 128، في الدورة الأولى، في حين يكفي الحصول على الغالبية المطلقة مع النصف زائد واحد في الجولات التالية. بعد تبنيورغم العقبات الدستورية، يبدو ان الأمر حسم لصالحه في ساعة تبدل موازين القوى الدولية والإقليمية لتأتي ساعة اختيار رئيس الجمهورية اللبنانية بحسب ما يراه البعض بتوقيت الخارج لا الداخل في مرحلة تتطلب الابتعاد عن تدوير الزوايا وجرأة في مقاربة الدولة المنهارة.
استهّل المدير التنفيذي لملتقى التأثير المدني والمستشار في السياسات العامة د. زياد الصائغ، قراءته للمشهد السياسي اللبناني الشائك عشية الجلسة الحاسمة معتبرًا أن ما بعد التاسع من يناير سيحدد مصير الجمهورية اللبنانية قائلَا:
" لبنان خرج من التاريخ في السنتين والنصف السابقتين بفعل تعطيل الاستحقاق الدستوري، ليس فقط على مستوى رئاسة الجمهورية، ولكن أيضا على مستوى تعطيل مؤسسة مجلس النواب، ومؤسسات الحكومة اللبنانية"،
أما فيما يعنى إعادة لبنان إلى التاريخ، فهذا يقتضي عمليًا، أبعد من جلسة انتخاب رئاسية انما العودة إلى الدستور
يقف الصائغ حتى في الجلسة 13 أمام "استسهال خرق الدستور الذي عُطّل" معتبرًا انه كان يجب أن يكون للبنان رئيسًا أو رئيسة للجمهورية منذ عامين ونصف.
يعتبر الصايغ ان تعطيل الدستور كرّس مبدأ الإفلات من العقاب بعد كل الأزمات التي تعرضت بها منظومة المافيا والمليشيا للشعب اللبناني، متخوفًا من ان يكون انهاء الشغور الرئاسي مسألة عملية ترقيع وتسوية بين قوى المنظومة السياسية التي تحالفت فيها مافيا الفساد مع ميليشيا السلاح غير الشرعي قائلًا:
"نأمل أن نكون غدًا أمام إعادة الانتظام الطبيعي للعقد الدستوري في لبنان، ولكن هذا لا يكفي، فالسؤال المطروح أبعد من انتخاب رئيس للجمهورية"،
ما الجمهورية التي ينتظرها لبنان بعد إتمام العملية الانتخابية؟
وتابع محذرًا أن التاريخ لن يرحم هذه المرة:
" سنكون أمام خسارة الفرصة الأخيرة للحفاظ على ما تبقى من الهوية اللبنانية الحضارية التي يحملها اللبنانيات واللبنانيون المقيمون، ولكن أيضا التي يأمل اللبنانيات واللبنانيون ".
وعما اذا كان وصول العماد جوزف عون الى سدّة الرئاسة، بما يمثله للمؤسسة العسكرية، مجازفة جديدة ام فرصة لانتشال لبنان من عزلته بمباركة ودعم المجتمع الدولي، أوضح الصائغ قائلًا:
"المجتمع الدولي يريد استعادة الهدوء في لبنان، وأخشى أنه سيكتفي بالهدوء وهو لا يبحث عن استقرار وهذه مسألة دقيقة"،
ومع دعم المجتمع الدولي والعالم العربي في رعايته للبنان التي يحتاجها، يعتبر الصائغ ان هذه اللحظة أبعد بكثير من انتخاب رئيس للجمهورية موضحًا:
" هذه اللحظة هي أبعد من رئاسة الجمهورية، لا تتعلق بملء الفراغ الرئاسي فقط، بل بإعادة إنتاج الميزات التفاضلية للجمهورية اللبنانية، وبناء دولة المواطنة، السيدة الحرة العادلة المستقلة، بناء على مقتضيات الدستور".
يأسف الصائغ على الشلل السياسي الذي تطلب دفعًا خارجيًا للمضي قدمًا موضحًا:
" احتجنا دينامية عربية دولية للدفع باتجاه انتخاب رئيس في الوقت الذي كان يجب علينا أن نتحمل نحن مسؤوليتنا، ونعلم أن قبضة السلاح غير الشرعي، فائض القوة، الانقضاض الإيراني على القرار السيادي اللبناني بتورط منظومة المافيا والميليشيات، منع علينا إنجاز هذه الدينامية، ولكن رغم ذلك ومع ضرورة الإبقاء على الحد الأدنى من التفاؤل، من المفترض ان نبقى على شديد من الحذر".
في خضم هدنة هشة تخترق باستمرار أبلغ المبعوث الأميريكي آموس هوكشتاين الجانب اللبناني في بأن الولايات المتحدة لم تتلق أي رسالة من إسرائيل عن نيتها بالبقاء في لبنان معلنًا أن بلاده ستمارس الضغط على إسرائيل للانسحاب من جنوب لبنان في مهلة أقصاها 27 كانون الثاني/يناير الحالي وسط تحذير الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم بان صبر الحزب ينفذ قبل مهله الستين يومًا مؤكدًا ان لا فرصة للإلغائيتين في لبنان، ماذا يعني وصول عون "التوافقي" الى كرسي الرئاسة في مرحلة تتطلب الابتعاد عن تدوير الزوايا وجرأة في مقاربة الدولة المنهارة ؟ هل انتخاب رئيس الجمهورية كاف لبدء عملية النهوض في لبنان رغم ضعف صلاحياته؟
الإجابة مع د. زياد الصائغ في الملف الصوتي أعلاه.
اقرأ المزيد:
مئوية هجرة تحكي
استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Audio المتاح مجاناً على وعلى القناة 304 التلفزيونية.